
عن رواية “شارع النحس”
ضياء بهزادي فتاة حالمة تبدأ يومها بإسعاف فضل درويش الكهل بعد أصابته بجلطة في سوبرماركات، من حينها تبدأ الحوادث تنبع وتتدفق من حولِها كجداولِ النهر. تُصادف خيانة خطيبها، بعد ساعة من ذلك، ثم تَصْدم عامل نظافة- عرفان رحمن- الذي جاء ومعه حلم الثراء بالعمل في دولة نفطية وتهرب، يُشَل العامل ويظلّ مسجى بالمستشفى، مُخلفًا عائلته في بلاده بين عوز وفقر وقلق على حياته، فتتحوّل زوجته بيباشا إلى العاصمة للبحث عن وسيلة لإنقاذه، وتقضي وقتها تائهة بالبحث في الشوارع فيما تواجه ضياء التي صدمته نفسها بمواجهة ضميرها وشعورها بالذنب مما يسبب لها أزمة حتى تعجز عن قيادة السيارة، لتواجه نحس الشوارع يلاحقها، حتى تلتقي ثانية بفضل درويش الأب الذي اسعفته وقد فوجع هو الآخر بانتحار ابنه سلمان بجرعةِ مخدر…
تمضي الرواية في سياقات متعدِّدة هذه ليست سوى سطح الحياة من فوق، التفاصيل تفتضح في ترابط الاحداث والشخصيات رغم اختلاف أماكنهم وثقافاتهم وخلفياتهم الاجتماعية والمهنية، تحمل الرواية أفكار فلسفية حول ثنائيّة الحياة والموت وجوهر الحبّ وغرابته، مع بطل رئيسي الشارع الذي هو سببًا في جلب النحس…
فكما يكون الإنسان سببًا في إنقاذ حياة الآخرين، فهو كذلك سبب في دمار حياتهم! ذلك التناقض العجيب الذي يؤكِّد مرة أخرى على صعوبة فهم العقل البشري وإعجازه في نفس الوقت، فنحن جميعًا نحمل في داخلنا أكثر من شخصية، تظهر كلّ واحدة منها بشكلٍ منفصل في أوقات معينة، وقد تظهر أكثر من شخصية في نفس الوقت في تعقيدٍ متشابك وعصي على الفهم. عرفان رحمن رغم ألمه وتعاسته فقد كان سببًا في إيقاظ الحب المفاجئئ. لقد كان هذا العامل البسيط سببًا في تدفق الحب في قلب بيباشا وقلب ضياء، وإعادة التوازن إلى حياة ضياء بعد فقدانها، وبداية رحلتها لإيجاد سلامها الداخلي. الصمت يحمل في داخله الكثير من الأجوبة وما علينا إلا اكتشافها عبر الاستسلام لذلك الصمت، تمامًا كما كانت نظرة عرفان رحمن شفا ًء لقلب ضياء. تفاصيل الحياة الصغيرة هي ما تقود لتفاصل الكوارث الكبيرة، قلا ينفع الانتباه وقت الغضب ولا ضمانات في الحياة سوى الحياة ذاتها.