قريبًا تصدر” رواية “شاي مع ماريو فيتالي”

عن دار اسكرايب للنشر والتوزيع القاهرة تصدر …

“حتى الساعة لم أكُن أُصدق أن الكوْن مخلوقٌ بهذه الهشاشَة”

مايا سعود

أحمد جمعة

وقفتُ بناصيةٍ مُرتفعة وراء مكبر صوت أمامي، صرختُ فيهم بنبرة عصبية، متوترة، عمدت بقذف كأسٍ ممتلئ بشرابٍ برتقالي اللون! على واجهةٍ زجاجية ما لفَت الأنظار، وعمَّ صمتٌ بغتة.

“غربّاء تسلّلوا في رأسي”

رأيتهُ بغتة بين جموعٍ مُحتشِدة، ارتدي بدلة سوداء مألوفة لديه منذ سنين، وربّطة عنق زرقاء قاتِمة، ومعطفًا جلديًا أسود…ترَهَل وتقوّس ظهره وضربّ الشيب خصلاتٍ من أطرافِ شعره…هو ذاته الذي ساطَ وسَلخَ جلدي، تحت ضغط الاعتراف، عندما كان يسوس آلة التعذيب…العقيد غازي فلاح…آمر سجون التعذيب السياسي… كنت أتَعقبَهُ منذ سنوات وأُجْري تحرياتي…أتحيّن فرصة لاصطيادهِ، ثم بوووم اختفى… اليوم لمَحتهُ في فوضى الطفح الشمسي…فرصتي للانقضاض عليه…

إندس بين الجموع، تبعته من بعيد…سار بتؤدة، بدا أكبر سنًا منذ رأيته آخر يوم بالزنزانة…شعرهُ الأبيض عرى سنّهُ، لم أرّ وجهه، تفاديتُ الاشتباك معه، بدا متعبًا، مرهقًا، محبطًا، غمره يأسٌ رمادي…كان يرتدي نظارة سميكة تدلّ على وهنِ نظره، دفن يديه في جيبي معطفه، كان يرتجف بردًا…