صدرت مؤخرًا عن دار اسكرايب للنشر والتوزيع- القاهرة

شخصيات غرائبية ترويها الحياة نفسها بتناقضاتها ضمن عوالم ذاتية وموضوعية غرائبية مستوحاة من حيوات شخصيات متناقضة، كل شخصية تبدو خرافيّة مع أنها وليدة قاع المدن الرمادية التي يتيه فيها الإنسان في تفاصيل الوقائع التي تصادرنا وقبلها تطاردنا، فالشخصية الرئيسية حمد زهران تمر حياته أمامه منذ الطفولة حتى الشيخوخة وكأنها كومة أحلام عاطفية وسياسية وطموحات بالوصول إلى النجوم عبر الثورات العلاقات العاطفية، ،لكنه يصطدم بالواقع الذي لا تسهل فيه تحقق الثورات، كما جرى معه في أحلامه مع الثورة الفلسطينية التي أكلت نفسها وثورة ظفار التي ووئدت وموت الجمهورية الماركسية في عدن، بذات القدر الذي تصعب فيه نجاح ثورات الحبّ والجسد وديمومتها، لتولد منه الآلام والمتاهات والضياع في أطياف المدن المتعدِّدة، بين المنافي والأوطان وقاعات الترانزيت كالكثيرين ضمن دولاب العالم الذي يضج بالثورات والنجاحات والإخفاقات…
تولد الكوابيس بدلاً من الأحلام فتتحوَل لعالمٍ غرائبي يولد من رحم ماضي سحيق يعود لحقبةِ الطفولة، حين كان الاعتقاد أن الموانئ هي نقاط انقاذ تحملنا على الصمود في وجه الرياح، لنكتشف أن العواصف لها مدارها الذي لم تأخذها الاحلام بعين الاعتبار، مما يوسّع ويضيّق مدار الأحلام وهي تضمّ مع حمد زهران شخصيات مكّملة للأحلام في الثورات والعواطف، مكوِّنة نسيج من التائهين وهم ينقبون في أنفاق الحياة عن ذواتهم ضمن مدار الضياع والألم والذل، كما لو كانوا هم من يسعى لتدمير حياتهم بينما يحلمون بالحياة المتخيّلة، ليبرز التفاوت في العالم الضبابي لتبدو الحياة في كمضةٍ تمضي مع عذاباتهم وهم معجونون في ذكريات للمدن والمطارات والموانئ والمنافي من قاع عالم، بحثًا عن حريتهم، حتى تكاد تبرز ذروة الصدمة مع الأحلام، لتصل للانتحار كما جرى مع حمد زهران وفدوى حنا منصور، وجوري الصوري، وثوار ظفار وفلسطين، وعشاق لم يبلغوا أحلامهم لكنهم ظلوا يتسلقون ولم يفهموا سوى مغزى واحد، هو الحلم الذي لابد وأن يتحقّق يمثل حمد زهران بعد تخلصه سريعًا من عالم الطفولة إلى شخصية الثوري والكاتب والعاشق، ضمن حياة تلوح باحتفالية غرائبيّة، حيث يخوض محاربة الظلم والفقر وينظم لقائمة المهمشين ولكن كمحارب وليس مذعن للواقع، ضمّ معه الصديق والرفيق والحبيبة والعاشقة، والزوجة وهو يمسك بأحلامهِ منذ الطفولة وحتى الشيخوخة خشية أن ينزلق للعدم، انفصل عن العالم لكن لم يخبي حلمه بالرحلة بمجملها وهو يرى الأحلام تقترب وتبتعد ولكنها لا تموت…
يرقص على حافة الهاوية مع أحلامه، يقترب من محيطها، ولكنهُ ويذوب معها ويبلغ وقائع سحيقة، ولا يخشى الموت من اقتحام ملكوت المسكوت عنه بكل التفاصيل، يقتحم كل الأمكنة، وكل الكهوف، يخوض محوّر الكوْن وهو متمسكًا بحلمه، كثوري وعاشق…متشابكان كلغزٍ أزلي لا ينتهي ولكنهُ يتحرّر من القيود مما يجعل الأحلام مستمرة…حتى لو بلغ خريف العمر، فطالما فكّ قيوده فهو حرًا في الحبّ والثورة…