الشهر: أوت 2024
البحث عن آلهة فراشة!!

تبحث عن إنسان كان يومًا ما محوّر الكوْن، ثم يخبأ ولا نسمة أو ضوء شمعة أو دمعة ينبئ عن مكانه، هذه دلالة وحشية، مريعة لخرافةِ الكوّن وسعي الإنسان ليكون المحوّر من دون أدنى شكّ فيما إذا كان بيومٍ ما سيكون نقطة لا حجم لها.
كم أستغرب فيما كنتُ أُطارد شبح هذه الأيام، كان في ساعةِ غفلةٍ من هذا العالم الخرافي، الواقعي هو من يُشكل عناوين الأحداث، يُطارِد ويُطارَد، يزرع الرعب والحب معًا، صدقًا هذا ما كان عليه وما كنتُ أراقبه ولا كنت أخشاه بينما كانت أجهزة الرعب الأمنية بكافةِ فروعها الدموية، السريّة والعلنيّة بنظام صدام حسين تطاردهُ خوفًا كما لوكان جيشًا بحجم الولايات المتحدة. ولا تستغربوا فقد كان الجيش مجرّد امرأة، بل فتاة عراقية، كانت طفلة تعيش على ضفاف الأهوار التي قام صدام بتجفيفها للقضاء على عدو وهمي…
عاشت طفلةً ونمَت على هذه الضفاف شاهدة على تحطيم حلمها منذ الطفولة وتمزيق أسرتها وكسرها قبل حتى أن تينع، كانت غصنًا طريًا كل عالمها حقيبة مدرستها التي ضاعت في زحمة صواعق الرعب التي أمطرتها سماء ازدحمت بأدوات القيامة تمطر كل شبر من العراق لقتلِ دكتاتور واحد يُدعى صدام…كانت غريبة وقتها ولكنه انفجرت على عالمٍ مفْزُع أبَت ألا أن تكون مثلهُ وتتحوّل لمحورٍ من محاور الكوْن الشريرة، وصارت هدف ما تبقى من نظام صدام ومن استخبارات بريطانية، وأجهزة سريّة وعناوين غامضة وشبح تخشاه كل الأنظمة والمنظمات حتى وقعت في شبكة داعش بفطرةٍ غريزيّة من تحدٍ وخرجت منها كخرافةٍ، لم تطلها يد ولم تمسها نسمة هواء. كانت تظهر وتختفي، بلغت قاع الحياة العميقة على وزنِ الدول العميقة، وانتهى الأمر كريشةٍ في الهواء تداعبها مرّة النسمات من وادٍ وأدوات الموت من وادٍ آخر حتى حطت مؤخرًا على غصن شجرة بظلالٍ من أرض العراق “أربيل” وهناك لم تستسلم بل وضعت رأسها على وسادة الحلم متمنيّة أن يعود بها الحلم مرّة أخرى لتعيد الكرَّة بذات الأسطوانة التي أدارت رأس الكوّن.
مفارقة الحياة، كانت تبحث عني ذات يوم ولم تجدني والآن أبحث عنها وتلاشت كنجمةٍ وراء جبلٍ من غيومٍ داكنة، كهذه الساعة الآن من وضع المنطقة. من حلمٍ إلى حلمٍ يتغيّر الكوّن ولكن الغالبيّة متحجِرة لا تتغيّر.
أحب أن تكون ساكنًا
كأنك غائب
وتسمعني من بعيد
وصوتي لا يلمسك.
بابلو نيرودا
مات الناقد، عاش الناقد!!
ليل النقد الطويل…

مات الناقد، عاش الناقد، لم أكن أنوي، لم أخطّط مطلقًا بساعةِ نحس أو غيرها بنقد الناقد، قطعيًا، بلا استثناء، لولا، أقول وبمرارة لولا، قراءتي لرواية خلابة/ مجنونة، وحشية، بعنوان “ليل تشيلي” لروبرتو بولانيو، الذي رحل في… وفيه غصّة النقد، والنقاد…رواية تقول أشياء كثيرة، مؤلمة، ذكرتني، بعزلة الناقد الصديق البعيد، القريب من الذهن الأستاذ أحمد المناعي، عزلته، هجره، صمته، هو الرد على طغيان الذكريات، ذكريات النقد والنقاد، وموت النقد الآن…
أقسمتُ؟! لا لم أقسم وإلا ما تجرأت على الكتابة…لولا رواية ليل تشيلي لم يستحضرنِ الصمت للبوح ببعض الأحاجي: مثل رشوة النقاد، رشوتهم بمؤلفاتك، رشوتهم بعلاقة مجاملة، مشوبة بفنجان قهوة، بهواء طلق بمقهى على رصيف ممل، مضجر، كلّ شيء يأتي بعد ذلك، انطباعات، ملاحظات، مجاملات، إلا النقد…قرأتُ منذ مدة طويلة من ركن الفضول بيّ: بضعة سطور مما سمي بمديح نقدي عن أسوء رواية بتاريخ البشرية…تصور!
اعتقدتُ أنّني غير مذهول، غير مستغرب، غير…لكن صدمتني رغبة في فهم كيف يرتدي الناقد حذاء أطول من قدميه؟ طنّنتُ أنّني أمام نقاد!! كهذا تطالعنا أنباء الأدب عندنا حتى رأيت بأم عيني، جدارية عملاقة كُتب عليها: النقد بهدية، النقد، بعلاقة، النقد بفنجان قهوة…والأغرب في السؤال أين النقاد؟
أما عن الصحافة؟!! السخافة الأدبية؟ تلك حكاية لا تستحق…الموضوع لا يستحق أكثر من 200 كلمة!